لم يكن هجوم سيدني الإرهابي بأستراليا مجرد حادث عابر، بل جرس إنذار للعالم بأن التصعيد الإسرائيلي وتواصل حرب الإبادة الجماعية في فلسطين المحتلة، يؤدي إلى تهديد السلام في العالم وزيادة جرائم الإرهاب بسبب عدم التوصل إلى حل ينقذ سكان غزة والضفة الغربية من اَلة القتل الإسرائيلية التي تحصد الأرواح يومياً دون رحمة، ومن لم يمت بالرصاص يقتله البرد والمطر، الذي لا يرحم الأطفال والرضع ويحول الخيام إلى قبور شاهدة على غياب ضمير الإنسانية، إذ كشفت تحريات جهازالاستخبارات الأسترالي أنه حقق قبل ست سنوات في صلات لأحد منفذي هجوم شاطئ بوندي بتنظيم «داعش»، الإرهابي ، بعد أن أعلنت الشرطة الأسترالية أن رجلاً يبلغ من العمر 50 عاماً ونجله 24 عاماً، قاما بإطلاق النارعلى محتفلين بعيد «حانوكاـ الأنوار» اليهودي على شاطئ شهير في سيدني ما أسفر عن مقتل 16 شخصاً وإصابة أكثرمن 40 آخرين، وهما الباكستاني ساجد أكرم الذي قُتل في تبادل لإطلاق النارمع الشرطة، وابنه نافيد أكرم ويرقد الآن في المستشفى بحالة حرجة تحت حراسة الشرطة، وأن الاستخبارات الأسترالية حققت في شبهات متعلقة بالابن عام 2019، إذ كان يعتقَد أنه على صلة وثيقة بأحد أعضاء تنظيم «داعش» الذي ألقي القبض عليه في يوليو من العام نفسه، وأدين بتهمة التخطيط لعمل إرهابي في أستراليا، ولذا يرجح مسؤولو مكافحة الإرهاب أن المسلحين اللذين نفذا هجوم شاطئ بوندي قد بايعا تنظيم «داعش»، خصوصاً بعد العثورعلى عَلمين للتنظيم وعبوة ناسفة بدائية الصنع في سيارة المسلحين على الشاطئ، ما يعتبر جرس إنذارلتفاقم العنف في العالم، في حال عدم التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية.
على وقع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو،عن مصادقته رسمياً على صفقة تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر، بقيمة إجمالية بلغت 112 مليار شيكل (نحو 35 مليار دولار)، لازالت إسرائيل ترفض التعاطي مع مسار يصل إلى إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة على حدود الرابع من يونيو 1967، بالتزامن مع تواصل الهجمات الإسرائيلية على الأبرياء في غزة والضفة الغربية التي يحاصرها المتطرفون الإسرائيليون كل يوم لهدم منازل الفلسطينيين ومنعهم من الوصول لمزارعهم وحصد محاصيلهم، رغم إعلان الرئيس الأمريكي ترامب عن خطة للسلام لم ينفذ منها سوى المرحلة الأولى التي تسلمت إسرائيل بمقتضاها جميع الأسرى الأحياء والأموات ما عدا جثة واحدة فقط، أدى إلى إنسداد الأفق السياسي للتوصل إلى حل يوقف المذابح الإسرائيلية، رغم المحاولات الأمريكية لإطلاق المرحلة الثانية من الاتفاق، وسط تعنت من جانب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يراوغ من أجل عدم تنفيذها، واختارالتصعيد مجدداً في محاولة للتهرب من أي استحقاق سياسي عبرخلط الأوراق، خصوصاً أنه يستعد لزيارة إلى واشنطن ولقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب لشراء الوقت والالتفاف على تنفيذ اتفاق السلام، لأنه لا يريد الانتقال إلى المرحلة الثانية تهرباً من التزامات سياسية وأمنية داخلية في ظل تركيبة حكومية يمينية متطرفة تضغط عليه من أجل عدم تنفيذ الاتفاق عبرالتصعيد، ما يزيد من احتمال وقوع عمليات عنف وإرهاب تهدد استقرارالعالم، نتيحة نشاط تنظيمات العنف وفي مقدمتها «داعش»، الذي يجد البيئة الخصبة لتجنيد عناصر لمبايعته وتنفيذ عملياته نتيجة التصعيد الإسرائيلي في الأراضي المحتلة.
كان من الطبيعي أن تشيد السلطات الأسترالية بشجاعة المواطن المسلم أحمد الأحمد الذي ألقى القبض على أحد المتورطين في الحادث، وتصفه وسائل الإعلام بالبطل القومي، مؤكدة أن تدخله حال دون سقوط مزيد من الضحايا وعثر على عبوة متفجرات بدائية الصنع في سيارة مرتبطة بالمهاجم الذي قُتل، فيما توالت إدانات دولية وعربية للهجوم، وزار رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيز، أحمد الأحمد، في المستشفى حيث يتلقى العلاج من إصاباته، وهو من المارة في مكان الحادث الذي انتزع سلاحاً من أحد المهاجمين، واستهدف إطلاق النارأشخاصاً كانوا يحتفلون بالليلة الأولى من «عيد حانوكا اليهودي»، وقالت والدة أحمد، البالغ من العمر 43 عاماً إنه أُصيب بعدة طلقات نارية في كتفه، وكشفت تحريات الشرطة أن الأحمد والداه لاجئين وصلا إلى سيدني من سوريا، وقال ألبانيز بعد زيارته في المستشفى: «كان شرفاً عظيماً لي أن ألتقي بأحمد الأحمد، إنه بطل أسترالي حقيقي ومتواضع للغاية وشجاعته مصدر إلهام لجميع الأستراليين، في لحظة شهدنا فيها ارتكاب الشر، يبرز أحمد كمثال على قوة الإنسانية»، الغريب أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حاول استغلال الحادث لمصلحة بلاده وحمل الحكومة الأسترالية مسؤولية الهجوم الذي استهدف تجمعاً يهودياً بمناسبة عيد «هانوكاـ الأنوار» على شاطئ بوندي بيتش الشهير بمدينة سيدني، في أسوأ حادث إطلاق نار جماعي تشهده أستراليا منذ عقود، إذ حاول استغلال الحادث زاعماً أن دعم القضية الفلسطينية يزيد من معاداة السامية في العالم، وربط نتنياهو العنف مباشرة بالسياسات التي يتبعها رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي، مدعياً أن دعم كانبرا لقيام دولة فلسطينية يغذي معاداة السامية ويشجع على كراهية اليهود في الشوارع الأسترالية، في محاولة منه للضغط على أستراليا التي اعترفت رسمياً بفلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبرالماضي، لتنضم بذلك إلى الدول التي تسعى للضغط على إسرائيل لوقف حملتها العسكرية في غزة، وقال نتنياهو إنه حذّرالحكومة الأسترالية من تداعيات هذا الدعم، قائلاً: «أخبرتكم أن دعوتكم لإقامة دولة فلسطينية تصب الوقود على نارمعاداة السامية،إنه يكافئ حماس إنه يشجع الذين يهددون اليهود الأستراليين ويشجع الكراهية ضد اليهود التي تجتاح شوارعكم الآن»، في المقابل، رفض رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي بشدة ادعاءات نتنياهو، مؤكداً عدم وجود أي علاقة بين دعم أستراليا لحل الدولتين ووقوع الهجوم.، وأن تصاعد معاداة السامية والتطرف اليميني يشكلان تهديداً خطيراً، وأن واجبه هو توحيد المجتمع الأسترالي في هذه المرحلة الصعبة، وطالب بتشديد قيود ملكية الأسلحة في البلاد، حيث كشفت الشرطة أن المشتبه به المتوفى كان يمتلك ستة أسلحة نارية بشكل قانوني.
وسط التوتر الذي يشهده العالم، يعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن تشكيل مجلس السلام في غزة، مطلع العام المقبل، وسيضم في عضويته رؤساء دول، رغم أنه لم يكن مخططاً في البداية أن يضم رؤساء، وكانت الخطة تكليف أشخاص ذوي خبرة، بهذا الأمربشكل احترافي في عضوية المجلس، ولكن الأمر تغير، وفق ترامب الذي قال «الجميع يريدون أن يكونوا جزءاً من هذا المجلس، سيكون أحد أكثر المجالس أسطورية على الإطلاق»، وأرى أن تشكيل مجلس السلام يجئ تنفيذاً لقرارمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 17 نوفمبرالماضي، الذي وافق على تشكيل مجلس للسلام، وأن تنشئ الدول التي تعمل معه قوة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في غزة، سيكون بمثابة نقطة انطلاق للبدء في تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق السلام، إذ يعتبرالمجلس إدارة انتقالية ستضع إطار العمل وتنسق تمويل إعادة إعمار غزة بما يتماشى مع خطة ترمب للسلام المكونة من 20 نقطة، والتي أعلن عنها في 30 سبتمبر الماضي لإنهاء الحرب في غزة والتي تتضمن تولّيه رئاسة هيئة دولية للإشراف على القطاع تحت مسمى مجلس السلام، وسيشرف هذا المجلس، برئاسة ترامب، على الحكم المؤقت لقطاع غزة، كما يشرف على تمويل إعادة الإعمار، ويُمهّد الطريق لتسليم السلطة في نهاية المطاف إلى سلطة فلسطينية، وسيرأس المجلس، مجلساً تنفيذياً دولياً يُدير العمليات، وحكومة فلسطينية من التكنوقراط جديدة، مؤلفة من خبراء غير تابعين لحركتي حماس أو فتح، تُديرالإدارة، فيما سيشمل المجلس رؤساء دول ورؤساء وزراء، وسيتم الكشف عن أسمائهم خلال الأيام القليلة المقبلة، وسيكون هذا المجلس حجر الزاوية في الخطة الأميركية لغزة.
ينسق المجلس من أجل إيصال المساعدات الإنسانية وتسهيل تنمية غزة، كما سيدعم لجنة تكنوقراط من الفلسطينيين تكون مسؤولة عن العمليات اليومية للخدمة المدنية، والإدارة في غزة بينما تنفذ السلطة الفلسطينية برنامجها الإصلاحي، ويعتبر تشكيل المجلس إعلاناً عن الانتقال إلى المرحلة الثانية من خطة غزة، فيما تم استبعاد رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير من قائمة المرشحين للانضمام إلى مجلس السلام، بسبب اعتراضات من عدة دول عربية وإسلامية، رغم أن الخطة الأمريكية المكونة من 20 نقطة التي كشف عنها الرئيس دونالد ترمب في سبتمبر لإنهاء حرب غزة نصت على أن بلير سيشغل مقعداً في المجلس، انتقلت واشنطن لاحقاً إلى نموذج مختلف، يقوم على تشكيل المجلس من رؤساء دول ورؤساء وزراء حاليين ذوي أدواررمزية، على أن تتولى لجنة تنفيذية الدور الأساس في الإشراف على إدارة غزة، تضم بليرإلى جانب المبعوثيّن الأميركيين جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، وكذلك مبعوث الأمم المتحدة السابق لسلام الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف، وتم إبعاد بلير بعد أن رفضت دولاً عربية وإسلامية لمشاركة بليرفي المجلس، بسبب تضررسمعته في الشرق الأوسط نتيجة دعمه القوي للغزو الأميركي للعراق عام 2003، إضافة إلى مخاوف من تهميش الفلسطينيين في هيكل الحوكمة المقترح، فيما قال مسؤولان أميركيان،إن القيادة المركزية الأميركية استضافت مؤتمراً في الدوحة قبل أيام مع دول شريكة لوضع خطة لإنشاء قوة دولية لإرساء الاستقرار في قطاع غزة، ومن المتوقع أن ترسل أكثر من 25 دولة ممثلين إلى المؤتمر، الذي سيتضمن جلسات حول هيكل القيادة وقضايا أخرى متعلقة بالقوة في غزة، بعد أن أبدت دولاً كثيرةؤاهتمامها بالمساهمة، وأن مسؤولين أميركيين يعملون حالياً على تحديد حجم القوة الدولية وتشكيلها وأماكن إقامتها وتدريبها وقواعد الاشتباك، على أن يتم تعيين جنرال أميركي لقيادة القوة ولكن لم يتم اتخاذ أي قرار، ويعد نشر هذه القوة جزءاً رئيسياً من المرحلة التالية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في غزة، وفي إطار المرحلة الأولى، بدأ وقف إطلاق النار في الحرب التي استمرت عامين في العاشر من أكتوبر الماضي.
تصاعدت ردود الأفعال على إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي التي أعلن عنها البيت الأبيض قبل أيام بعد أن كشفت عن نية الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب عن تغييرجذري في السياسة الأمريكية تجاه العالم كله خصوصاً أوروبا التي كانت الحليف المقرب من واشنطن منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، والتي تجسدت بتأسيس حلف شمال الأطلسي الذي يُعرف اختصارا بالناتو، وهو تحالف عسكري دولي يتكون من 32 دولة من أمريكا الشمالية وأوروبا، إضافة إلى 15 بلداً آخر، بناءً على معاهدة شمال الأطلسي الموقعة في واشنطن في 4 أبريل سنة 1949 ويهدف الحلف إلى الدفاع الجماعي المتبادل عن الأعضاء رداً على أي هجوم من قبل أطراف خارجية، ويقود الحلف ثلاثة من أعضاء الناتو وهم الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والمملكة المتحدة وهم أعضاء دائمين في مجلس الأمن الدولي يتمتعون بحق الفيتو وهم رسمياً دولاً حائزة للأسلحة النووية، ويقع المقرالرئيس لحلف الناتو في بروكسل، ولذا أصيبت الدول الأوروبية بالصدمة من الخطاب السياسي الأمريكي الذي تم توجيهه لأوروبا عبر الاستراتيجية الأمنية الأمريكية الجديدة، إذ وصفه قادة أوروبيون بأنه غير مسبوق شكلاً ومضموناً.
يبدو أن العلاقة بين واشنطن وأوروبا بدأت تتصدع إذ تشهدت انقلاباً جذرياً قد يصعب استدراكه مع الزمن، خصوصاً بعد أن انتقدت الإستراتيجية التي سطرت في 33 صفحة بالمعاني الجيوسياسية والدلالات الاستراتيجية، إذ انتقدت أوروبا بشدة زاعمة أن حضارة القارة مهددة بالزوال نتيجة الهجرة، في غضون عقود، وخلال من 10 إلى 20 عاماً سيشكّل غير الأوروبيين الأغلبية في عدد من الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، ما يعني انسحاب الولايات المتحدة منه، ونبهت إلى أن أوروبا تواجه «محواً حضارياً» ويجب أن تغيرمسارها، وطالبت الوثيقة أوروبا بالدفاع عن نفسها ما يعكس تفكيراً أمريكياً في الانسحاب من حلف الناتو مستقبلاُ، واعتبرت الكثير من الدول الأوروبية أن هذه الإستراتيجية والتي حملت اعترافاً من جانب واشنطن بـ «نهاية عصر الهيمنة» وتحول دورها من «شرطي العالم.. إلى أميركا أولاً» ما يعني تحولاً غير مسبوق في السياسة الأمريكية خلافاُ لرؤية «أمريكا أولًا» لعام 2017، إذ إن رؤية عام 2025 جاءت تكرس لتغيير بوصلة السياسية الأمريكية من الغرب والشرق تجاه السيطرة على نصف الكرة الأرضية الغربي وأمريكا اللاتينية عبر إستراتيجية أمنية معلنة لا تحتمل التأويل.
الوثيقة الأمريكية التي أعلن عنها البيت الأبيض ليست مجرد إعادة ترتيب لأولويات واشنطن كما يظن البعض، لكنها تحول جذري في السياسية الأمريكية حاضراً ومستقبلاً، إذ تعتبرأن الشرق الأوسط لم يعد أولوية استراتيجية للولايات المتحدة، وتنتقد إدارات أمريكية سابقة بدعوى إهدارالموارد الأميركية في حروب لا تنتهي ومشاريع بناء الدول في الشرق الأوسط، ولذا سيعمل ترامب على تحديث مبدأ الرئيس الأمريكي الأسبق جيمس مونرو، وهو إعلان صدر عن الولايات المتحدة عام 1823 يعتبر أميركا اللاتينية منطقة تقع تحت السيطرة الأمريكية ومحظورة على القوى الأجنبية، وتالياً ستسعى الولايات المتحدة للوصول إلى موارد ومواقع إستراتيجية في نصف الكرة الغربي وأميركا اللاتينية بضمان أن دول المنطقة مستقرة بشكل معقول ومحكومة جيداً بما يكفي لمنع الهجرة الجماعية إلى الولايات المتحدة، كما حددت الاستراتيجية مستقبل العلاقات الأمريكية الاّسيوية بعد عقود ركّزت خلالها الولايات المتحدة على صعود الصين، وتالياً أعلنت الإستراتيجية نهاية عصر «الهيمنة العالمية الأميركية» وبداية عصر جديد يُعاد فيه تعريف الدور الأميركي «من القيام بدور شرطي العالم» إلى «المسيطر على النصف الغربي من الكرة الأرضية»، وشددت على حماية الحدود ووقف «الهجرة»، كما نصّت على وقف توسّع حلف «الناتو»، وحمّلت أوروبا مسؤولية الدفاع عن أمنها.
تمثل الوثيقة تحولاً جذرياً في سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تجاه العالم، وتُجسد انعطافاً عن كافة الرؤى الأمنية السابقة، بما فيها رؤية الرئيس ترامب ذاته في العام 2017، وتراجعاً عن الالتزامات الأمريكية تجاه أوروبا وبعض دول الشرق الأوسط ما دفع قادة دول الاتحاد الأوروبي إلى التخطيط للدفاع عن أنفسهم، والتفكير في مستقبل لم تعد فيه أميركا هي الضامن الأساسي لأمنهم معتبرين أن الإستراتيجية الجديدة هندسة جديدة للعالم بما فيه أوروبا وتخلي عنهم في مواجهة التحديات الحالية خصوصاً حرب أوكرانيا والمستقبلية أيضاً، ولذا بدأ الاتحاد الأوروبي في اختبار نظام أمني تقوده أوروبا استعدادا لتقليص الدورالأميركي في الدفاع عن أوروبا وتقود بريطانيا وفرنسا تحالفاً لإتخاذ أهم القرارات المتعلقة بالحرب في أوكرانيا، بعد أن أصبحت المحادثات بين الأميركيين والأوروبيين حول الضمانات الأمنية لأوكرانيا محرجة، كما أن النقاش حول المادة الخامسة من معاهدة الناتو التي تلزم الحلفاء بالدفاع عن أي دولة تتعرض للهجوم أصبح صعباً في ظل الإستراتيجية الأمنية الجديدة، إذ كرر ترامب زعمه بأن أوروبا تتعرض لهجرة جماعية، وأنها أصبحت متهورة بلا هدف وقادتها ضعفاء ولا يعرفون ماذا يفعلون.
تتصاعد الحرب الكلامية بين ترامب والرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الذي أبدى استعداده للتنحي عن السلطة بعد 18 شهراً على الأقل، وقد نظربعض المسؤولين الأمريكيين في هذا الخيار كحل محتمل للأزمة، لكن البيت الأبيض يُصرّعلى استقالة مادورو الفورية، فيما تفتقرالولايات المتحدة إلى الموارد العسكرية اللازمة لشنّ عملية واسعة النطاق لإزاحة مادورو من السلطة، وأن ترامب إذا أمر بشنّ ضربات على فنزويلا، فقد يواجه مشاكل خطيرة تتمثل بانقسامات في المعارضة والجيش، الذي يقال إنه على أهبة الاستعداد للتمرد، فضلاً عن ردة فعل داخلية عنيفة، نظراً لتعهده السابق بتجنب التدخل المكلف في شؤون الدول الأخرى، في المقابل وسعت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عقوباتها الاقتصادية ضد حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، لتشمل ست ناقلات نفط عملاقة إضافية وأفراداً من عائلة مادورو الممتدة، في خطوة وصفتها المعارضة الفنزويلية بـعصرالقرصنة البحرية الجديدة، وهذا التصعيد بين ترامب وفنزويلا يأتي تنفيذاً لإستراتيجية الأمن القومي الأمريكي التي أعلنت عنها الإدارة الأمريكية أخيراً وتمنح الإدارة الأمريكية السلطة في السيطرة على نصف الكرة الغربي وأمريكا اللاتينية ومن بينها فنزويلا، وتالياً لن تغادر أساطيل الولايات المتحدة المنطقة من أجل تحقيق أهدافها، إذ إحتجزت ناقلة نفط من أسطول فنزويلا، ما أثار مخاوف من احتمال نشوب نزاع مباشربين واشنطن وكراكاس، وسط توترات متصاعدة في منطقة البحر الكاريبي.
وأقول لكم إن، وزارة الخزانة الأمريكية فرضت قيوداً على ثلاثة من أبناء شقيق زوجة مادورو، سيليا فلوريس، إضافة إلى ست ناقلات نفط خام عملاقة وشركات شحن مرتبطة بها، بعد أن انخرطت هذه السفن في ممارسات شحن خادعة وغير آمنة، وواصلت توفيرالموارد المالية لنظام مادورو الذي تصفه واشنطن بداعم للإرهاب والمخدرات، وأفاد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بإحراز تقدم كبير فيما يخص مفاوضات إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، وأضاف: «أنجزنا الكثير أوقنا 8 حروب، لم يسبق لأحد أن أوقف 8 حروب، بقيت حرب واحدة فقط، وكنت أعتقد أنها ستكون الأسهل، وهي حرب في بلد أنتم على دراية به إلى حد ما، روسيا وأوكرانيا، لكننا نحقق تقدماً ملموساً»، فيما قال مسؤول ألماني إن بلاده ستستضيف وفدين أمريكي وأوكراني لإجراء محادثات حول وقف إطلاق النار في أوكرانيا، وذلك قبل قمة بين القادة الأوروبيين والرئيس الأوركاني فولوديمير زيلينسكي في برلين، وقال مسؤول أمريكي إن جاريد كوشنر صهر الرئيس دونالد ترامب والمبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف يشاركان في محادثات تضم الأوكرانيين والأوروبيين.
أحمد الشامي
[email protected]